ليس من الغريب أن يتحول الشيء الأكثر إزعاجا لك في الحياة إلى شيء مفيد، بل قد يصبح وجوده يعني توفير ما هو ضروري لك، هذا الحال نعايشه في كل يوم مع "المطبات" التي تنتشر في شوارعنا العربية، إلا أن هذا الكابوس الذي نسير على منحدراته في كل يوم مئات المرات، حوله شابان فلسطينيان إلى ابتكار جديد باستطاعته توليد الكهرباء، وذلك بعد مرور السيارات عليها.
الشابان: عنان إسماعيل عياد (14 عاما)، وهيثم جمعة عبد الجواد (14 عاما) من مدينة القدس المحتلة؛ طالبان في مدرسة المعهد العربي، قاما بابتكار مطب آلي يمكن أن يتم استبداله بالمطبات المنتشرة في الشوارع، يقوم هذا المطب بتحويل الحركة العمودية الناتجة من ضغط السيارات عليه إلى حركة دائرية تنتقل إلى المولد الذي بدوره ينتج الكهرباء؛ حيث تخزن هذه الكهرباء في بطاريات تستخدم سواء لإنارة الشوارع أو إشارات المرور.
الزحام والمطبات.. أشعلت الفكرة
يقول عنان لـ"إسلام أون لاين.نت": "بدأت فكرة البحث عن ابتكار بعدما أعلنت مدرستنا عن معرض للابتكارات حتى يقدم كل من لديه فكرة أو مشروع في هذا المعرض، وأنا بحكم أنني منذ صغري مولع بالإلكترونيات وأحب التجريب في إصلاح الأشياء، وكان حافزا لي في البحث عن ابتكار جديد تجربتي العام الماضي2007 في صناعة ألياف شمسية لتزويد السيارة بطاقة تعمل بها".
ويضيف: "كثرة المطبات المنتشرة في الشوارع، وأيضا كثرة السيارات التي تعج بها الشوارع في كل يوم جعلني أنا وزميلي "هيثم" نربط بين هذين العاملين لمحاولة الاستفادة منها في إيجاد ابتكار يفيد الناس، مستغلين تلك الأشياء المؤذية، فكانت فكرة ابتكار المطب الآلي.
وحول آلية عمل هذا المطب يقول عنان: "الابتكار عبارة عن صندوق من جزأين: الأول يوضع داخل حفرة تكون تحت مستوى الشارع بعمق نحو 30 سم، والجزء الثاني وهو المطب وهو أعلى من مستوى الشارع، وعندما تمر السيارة من على المطب ينخفض الجزء العلوي بمقدار خفيف، وأثناء هذه الحركة الخفيفة للمطب يتم تحويل الحركة العمودية الناتجة عن ضغط السيارة بسبب وزنها إلى حركة دائرية تعمل على تحريك مولد كهربائي مرتبط بها يقوم بدوره بتوليد تيار كهربائي".
ويتابع بالقول: "التيار الكهربائي المتولد يتم تخزينه في بطاريات، ومن ثم الاستفادة منه في إنارة الشوارع أو الإشارات الضوئية، أو حتى الاستفادة منه في إدارة أي آليات أخرى".
وحول كمية الكهرباء التي يمكن أن يولدها المطب الواحد في الشارع يقول عنان: "كل مطب يمكن أن يولد 10 كيلو وات خلال حركة مستمرة على مدار 12 ساعة، وإذا ما قمنا بعملية حسابية لعشرات المطبات المنتشرة في الشارع الواحد ولعدد السيارات الكبير نجد أن هناك كمية من الكهرباء يمكن من خلالها إنارة الشوارع، وكذلك الإشارات الضوئية، وحتى ربما الاستفادة منها في مجالات أخرى".
ومن ميزات هذا المطب -بخلاف إنتاجه للكهرباء- أنه أكثر أمانا للسيارات من المطبات الموجودة فعليا؛ حيث يقلل من الخسائر الميكانيكية والتلفيات التي تحدثها المطبات لبعض القطع بالسيارة نتيجة الانخفاض والارتفاع على أجسام صلبة.
صناعة المطب
أما عن طبيعة المواد التي يصنع منها المطب فيقول هيثم عبد الجواد: "يمكن صناعته من حديد السكب حتى يتحمل ضغط السيارات التي تمر عليه في كل يوم، وتصل تكلفة صناعة المطب الواحد إلى ما يقرب من 1500 دولار، وقد تكون أقل من ذلك خاصة إذا ما تم التعاقد مع شركات لإنتاج أعداد كبيرة منها، وهو ما يمكن بدوره دفع مجال الاستثمار المحلي.
ويؤكد عبد الجواد أن تكلفة الصيانة اللازمة للابتكار تكاد لا تذكر؛ إذ يستلزم صيانة دورية بين الفترة والأخرى قد تصل إلى 100 دولار أو أقل سنويا، إضافة إلى سهولة التعامل معه وقت الصيانة؛ حيث يمكن إجراؤها بشكل سريع قد لا يتجاوز 10 دقائق".
وعن مدى إعاقة حركة السيارات أثناء الصيانة يوضح هيثم أن هناك آلية ميكانيكية تم وضعها؛ بحيث يتم رفع المطب من قبل 4 أشخاص عن الشارع من أجل الصيانة، وبشكل تلقائي تقوم طبقة أرضية بإغلاق الفجوة من خلال ضغط هيدروليكي بحيث يصبح مكان المطب على شكل متوازٍ مع مستوى الشارع، وبالتالي تعبر السيارات في الشارع دون وجود أي مشاكل.
مداخل الأسواق أيضا
هذه الفكرة -بحسب عنان- يمكن تطبيقها على أشكال أخرى، وبالتحديد في جميع الأماكن التي يمكن أن يكون فيها حركة دائمة وكثيرة، فمثلا يمكن صناعة بعض هذه الأشكال من هذا الابتكار لتتناسب ومداخل المجمعات التجارية أو المراكز التي تعج بالمشاة والموظفين؛ بحيث يتم توليد كهرباء كلما صعد عليها أي جسم متحرك.